عقيدة ,,, برصا ,,, ريال

لم يسبق وأن كانت مباراة كروية في أحد الدوريات بأي قارة من المعمورة تحظى بمتابعة قياسية مثل مباراة الريال والبارصا أو ما يسمى الكلاسيكو الإسباني، حيث انقسم ملايين السكان في هذا العالم بين مؤيد للنادي الملكي ومناصر للنادي الكاتالاني، وكأن الكرة الأرضية أصبحت في شقين بين مدريد وبرشلونة، تماما مثلما كان القطب الاشتراكي ضد نظيره الرأسمالي في الستينيات والسبعينيات.

صحيح أن الناديين عريقين ويلعبنا كرة جميلة جدا، ويضمان أحسن اللاعبين العالميين في الظرف الحالي، لكن أن يتحول الكلاكسيو الى أهم مباراة في السنة، وينافس حتى نهائي كأس العالم، ونهائي كأس أوروبا، فهذا ما لم يكن يتوقعه سوى المخططون في الكواليس لترقية الكلاسيكو الإسباني إلى قمة عالمية، يسوق لها بشكل مذهل إلى درجة أن مداخيله المالية تقارب نصف مداخيل المونديال، وصور التسعين دقيقة تلهث وراء شرائها كل التلفزيونات العالمية.

وفي الجزائر الظاهرة أخذت هي الأخرى أبعادا مثيرة للانتباه، إلى درجة أن الصراعات بين محبي الريال ومناصري البارصا في المقاهي والشوارع تنتهي كثيرا بمشادات وعنف، مما جعل بعض المختصين في علم الاجتماع يطرحون تساؤلاتهم حول خلفية مفعول الكلاسيكو على الشباب الجزائري، الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال عزله عما يقع للشباب العالمي في أوروبا أو غيرها، فما يقع في المغرب وفي فرنسا وفي الصين واليابان وأمريكا يحدث كذلك في الجزائر وبدرجات مختلفة.

ولعل الترويج التلفزيوني للكلاسيكو من قبل الشركات التجارية للناديين، سيما المالكين والممولين، نجح في تحويل أنظار المعمورة أمس إلى ملعب بيرنابييو، ومن غير المستبعد أن يكون رؤساء وملوك أكبر الدول العالمية قد تابعوا ما حدث بين ميسي ورونالدو، في وقت ظل فيه أغلبية الحكام الأوروبيين يبحثون عن حل للمشاكل المالية التي تعاني منها كافة بلدان القارة العجوز، فالأزمة التي مست البنوك والاقتصاد الأوروبي، لم يحس بها لاعبو البارصا والريال ذوي الأجور الخيالية، بالرغم من أن إسبانيا في حد ذاتها مقبلة على أزمة مثل التي عصفت باليونان قبل شهور.

كلاسيكو إسبانيا وبالشكل الذي يسير عليه في السنوات الخمس الأخيرة، قد يتحول إلى عقيدة، والصراع بين البارصا والريال ممكن أن يتحول إلى صراع عقائدي، سيما وأن كل طرف متشدد ضد الآخر، وكل جهة لها محبوها في كامل أرجاء العالم، ولكل فريق طريقة لعبه وشخصيته وله رايته ونشيده، فلم يبق سوى تحديد جغرافيته.