Share on favorites |
اللياقة البدنية تعزز مناطق المخ لديهم وتحفز العقل |
قام عدد
من الباحثين، في تجربة نشرت نتائجها الشهر الماضي، بتجميع عدد من تلاميذ
المدارس، الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات ويعيشون بالقرب من المجمع
الجامعي تشامبين- أوربانا الخاص بجامعة إلينوي وطلبوا من هؤلاء الأطفال أن
يركضوا على جهاز السير المتحرك.
وكان
الباحثون يأملون من خلال هذه التجربة في معرفة المزيد عن تأثير اللياقة
البدنية على العقل غير المكتمل تماما. وقد أشارت الدراسات التي أجريت على
حيوانات التجارب أنه عندما تم وضع فئران على جهاز سير متحرك، حدث تضخم في
مخ صغار الفئران وزادت مساحة بعض المناطق فيه.
وفي وقت
لاحق تمكنت تلك الفئران من التفوق في اختبارات الذكاء على نظرائها من
الفئران التي لم تمارس هذا النشاط. ولكن لم تنفذ حتى الآن دراسات حول تأثير
التمرينات الرياضية على الشكل الفعلي الوظيفي لمخ الأطفال.
الرياضة
والمخ لذلك قام الباحثون بتصنيف الأطفال على أساس قدرتهم على العدو على
جهاز السير المتحرك إلى فئات (الأكثر لياقة، متوسطو اللياقة، والأقل
لياقة). وقد ركزت الدراسة على الفئات الأكثر والأقل لياقة (لإظهار التناقض
بوضوح).
وخضع
الأطفال من الفئتين لسلسلة من الاختبارات المعرفية التي تنطوي على مراقبة
أسهم للاتجاهات على شاشة الكمبيوتر والضغط على مفاتيح معينة لاختبار مدى
قدرة الأطفال على استبعاد المعلومات غير الضرورية والانتباه للمعلومات
الضرورية. وأخيرا تم فحص مخ الأطفال، وذلك باستخدام تكنولوجيا التصوير
بالرنين المغناطيسي لقياس حجم مناطق محددة.
كانت
دراسات سابقة قد توصلت إلى أن الأطفال ذوي اللياقة يحققون بصورة عامة نتائج
أفضل في مثل هذه الاختبارات. وفي هذه الحالة أيضا فإن الأطفال ذوي اللياقة
الأعلى سجلوا نتائج أفضل في الاختبارات.
ولكن
التصوير بالرنين المغناطيسي أعطى صورة أوضح عن كيفية حدوث ذلك. وأظهر
الباحثون أن الأطفال اللائقين تكون لديهم عقدة عصبية قاعدية أكبر، وهذه
العقدة هي جزء أساسي في المخ تساعد في المحافظة على التركيز و«التحكم
التنفيذي» أو القدرة على تنسيق الإجراءات والأفكار بسرعة وحنكة.
ونظرا إلى
أن الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية ومؤشرات كتلة الجسم وغيرها من
المتغيرات في الأطفال من كلتا الفئتين كانت متشابهة، خلص الباحثون إلى أن
اللياقة قد ساعدت في توسيع هذا الجزء في المخ.
تحسين الإدراك وفي
دراسة منفصلة قام بها مؤخرا عدد من الباحثين من جامعة إلينوي، تم تصنيف
مجموعة أخرى من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين تسع وعشر سنوات على أساس
مستوى اللياقة البدنية وتم عمل مسح لأدمغتهم، لكنهم خضعوا لاختبارات
مختلفة، والتي ركزت هذه المرة على الذاكرة المعقدة.
ويرتبط
هذا الأمر بنشاط في قرن آمون، وهو هيكل في فصوص المخ، وبدرجة مؤكدة بما
يكفي، أظهر التصوير بالرنين المغنطيسي أن قرن آمون لدى الأطفال الأكثر
لياقة يكون أكبر حجما.
وليس هناك
تداخل بين الدراستين بشكل مباشر، لكن الباحثين في بحثيهم المنفصلين أشاروا
إلى أن قرن آمون ومنطقة العقد العصبية القاعدية تتفاعل في العقل البشري،
من الناحيتين الهيكلية والوظيفية، وهما معا يسمحان بحدوث بعض أعقد عمليات
التفكير.
وخلص
واضعو الدراستين إلى أنه إذا كانت التمرينات البدنية مسؤولة عن زيادة حجم
هذه المناطق وتعزيز الصلات بينها، فإن هذا ربما يعني أن اللياقة «تزيد قوة
الإدراك» لدى الشباب.
تأتي هذه
النتائج في وقت مهم، فلأسباب مالية وإدارية تقوم مجالس إدارات المدارس
بالحد من التربية البدنية، وفي الوقت نفسه يتباطأ نمو الأطفال على نحو
متزايد. وتشير الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن مراكز الوقاية والسيطرة على
الأمراض إلى أن ما يقرب من ربع عدد الأطفال لا يقومون بأي نشاط بدني خارج
المدرسة.
في الوقت
نفسه، تتراكم الأدلة حول التأثير الإيجابي حتى لممارسة التمارين الرياضية
لفترات قصيرة. وكما يقول تشارلز هيلمان، أستاذ علم الحركة في الجامعة، وأحد
أبرز المشاركين في العديد من الدراسات التي أجريت مؤخرا، فإن الدراسات
السابقة التي قامت بها جامعة إلينوي تشير إلى أن «20 دقيقة فقط من المشي»
قبل الاختبار تحسن نتائج الأطفال، حتى لو كانوا غير لائقين أو كانوا يعانون
زيادة الوزن.
تحفيز العقل لكن
التأثير العصبي لممارسة الشباب لتمارين اللياقة البدنية هو المثير بصورة
أكبر، فقد وجدت دراسة سويدية استمرت سنوات طويلة ونشرت العام الماضي، أن من
بين أكثر من مليون شاب في عمر الـ18 الذين التحقوا بالجيش، فإن اللياقة
البدنية كانت مرتبطة بارتفاع معدل الذكاء حتى بين التوائم.
كما أشارت
الدراسة إلى أن الأكثر لياقة منهم لديه أيضا فرص أكبر للحصول على وظائف
أكثر ربحية. ولم يعثر على أية علاقة بين قوة العضلات ومعدل الذكاء.
ويقول
جورج كوهن، وهو أستاذ في جامعة غوتنبرغ وأحد كبار المشاركين في الدراسة:
إنه ليس هناك أي دليل على أن ممارسة التمارين الرياضية تؤدي إلى ارتفاع
معدل الذكاء، ولكن يعتقد الباحثون أن التمارين الرياضية، وليست تمارين
القوة، تنتج عوامل نمو خاصة وبروتينات تحفز العقل على العمل.
والآن بات
الحل واضحا كما يقول دكتور كوهن: «ممارسة الشباب لمزيد من التمارين
الرياضية»، وهو ما يوافق عليه دكتور هيلمان؛ لذلك يفضل حث الأطفال على
الحركة، ويفضل إبعادهم عن ألعاب الفيديو.
وفي دراسة
أجرها مختبره ولم يتم نشرها حتى الآن قام بمقارنة الأثر المعرفي لدى شباب
قام بالعدو نحو 20 دقيقة على جهاز السير المتحرك وشباب قاموا باللعب 20
دقيقة ألعاب الفيديو رياضية بكثافة مماثلة، وأظهرت الاختبارات تحسن نتائج
الشباب الذين قاموا بعمل تمارين رياضية على الفور في حين لم يتحسن أداء
الذين كانوا يلعبون ألعاب الفيديو.